هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الأمام الأعظم ابو حنيفة النعمان

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
يامي
نائب المدير
نائب المدير
يامي


المساهمات : 81
تاريخ التسجيل : 19/12/2007
العمر : 30

الأمام الأعظم ابو حنيفة النعمان Empty
مُساهمةموضوع: الأمام الأعظم ابو حنيفة النعمان   الأمام الأعظم ابو حنيفة النعمان I_icon_minitimeالجمعة ديسمبر 21, 2007 1:17 am

أبو حنيفة النعمان الإمام أبو حنيفة النعمان ..



أيها الإخوة والأحبة ألا إن المتبوعون في الإسلام ثمانية وهناك أصحاب مذاهب كثيرون ولكن شاء الله عز وجل أن تجتمع الكلمة اليوم على هؤلاء الأئمة الكرام نروي أخبارهم وأيامهم ونجلس في أعتاب علمهم بالنظر والبصيرة والافتكار والاعتبار ودعونا نتحدث اليوم عن الإمام أبي حنيفة وأبو حنيفة رضي الله عنه إمام متبع يتبعه اليوم مئات الملايين من أمة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وهو إمام التسامح والعقل والعلم، وهو إمام العقيدة الصحيحة وهو الإمام الذي حاز لقب الإمام الأعظم عبر تاريخ الأمة، ليست خطب الجمعة هذه من أجل رواية الأخبار، ولكن صناعة الوحدة الإسلامية تستلزم أن يكون المسلم على بصيرة من الأئمة إني أخاطبكم اليوم وفيكم الشافعي والمالكي والجعفري والحنبلي، ولكنني أشعر أن معرفة فضل أبي حنيفة هو جزء من رسالة الوحدة الإسلامية التي نريد وأبو حنيفة من أئمة الإسلام ولعله مع جعفر الصادق أول إمامين يخط لهما مذهبا في الإسلام

فهو النعمان بن ثابت و كنيته أبو حنيفة و لقب بالإمام الأعظم ولد بالكوفة سنة 80 هـ 699م فى عهد الخليفة عبد الملك بن مروان و نشأ فى أسرة صالحة غنية و كان حسن الوجه ، حسن النطق ، قوى الحجة ، شديد الذكاء ، فطنا سريع البديهة شديد الكرم ، طويل الصمت ، دائم الفكر ، زاهدا متعبدا ، جهورى الصوت و هو أحد الأئمة الأربعة أصحاب المذاهب المتبعة و قد إشتهر بإمام أهل الرأى


وكان أبوه تاجرا كبيرا فعمل معه وهو صبي، وأخذ يختلف الى السوق ويحاور التجار الكبار ليتعلم أصول التجارة وأسرارها، حتى لفت نظر أحد الفقهاء فنصحه أن يختلف الى العلماء فقال أبو حنيفة: «إني قليل الاختلاف إليهم» فقال له الفقيه الكبير: «عليك بالنظر في العلم ومجالسة العلماء فإني أرى فيك يقظة وفطنة».

ومنذ ذلك اليوم وهب الفتى نفسه للعلم، واتصل بالعلماء ولم تنقطع تلك الصلة حتى آخر يوم في حياته.. ولكم عانى وعانى منه الآخرون في هذا الميدان الجديد الذي استنفر كل مواهبه وذكائه وبراعته!!

*************

وانطلق الفتى الأسمر الطويل النحيل بحلة فاخرة، يسبقه عطره، ويدفعه الظمأ الى المعرفة، يرتاد حلقات العلماء في مسجد الكوفة.. وكان بعضها يتدارس أصول العقائد (علم الكلام)، وبعضها للأحاديث النبوية; وبعضها للفقه وأكثرها للقرآن الكريم.

وروى ان الامام أبو حنيفة كان يكثر من أداء فريضة الحج حتى قيل إنه حج 55 مرة، وقد مكنته هذه الرحلات المتصلة إلى بيت الله الحرام أن يلتقي بكبار الفقهاء والحفّاظ، يدارسهم ويروي عنهم، وممن التقى بهم من كبار التابعين: عامر الشعبي المتوفى سنة (103 هـ= 721م)، وعكرمة مولى ابن عباس المتوفى سنة (105 هـ = 723م)، ونافع مولى ابن عمر المتوفى (117هـ= 735م)، وزيد بن علي زين العابدين المتوفى سنة (122هـ = 740م)، ويصل بعض المؤرخين بشيوخ أبي حنيفة إلى 4 آلاف شيخ، وتذكر بعض الروايات أنه التقى ببعض الصحابة الذين عاشوا إلى نهاية المائة عام الأولى منهم الصحابى أنس بن مالك رضى الله عنه
ودرس على عدة شيوخ في مسجد الكوفة ثم استقر عند شيخ واحد وهوا"حماد بن أبى سليمان " فلزمه.. حتى إذا ما ألم بالشيخ ما جعله يغيب عن الكوفة، نصب أبا حنيفة شيخا على الحلقة حتى يعود.. وكانت نفس أبي حنيفة تنازعه أن يستقل هو بحلقة، ولكنه عندما جلس مكان أستاذه سئل في مسائل لم تعرض له من قبل، فأجاب عليها وكانت ستين مسألة.

وعندما عاد شيخه عرض عليه الإجابات، فوافقه على أربعين، وخالفه في عشرين.. فأقسم أبو حنيفة ألا يفارق شيخه حتى يموت.

ومات الشيخ وأبو حنيفة في الأربعين، فأصبح أبو حنيفة شيخا للحلقة، وكان دارس علماء آخرين في رحلات الى البصرة وإلى مكة والمدينة خلال الحج والزيارة،. وأفاد من علمهم، وبادلهم الرأي، ونشأت بينه وبين بعضهم مودات، كما انفجرت خصومات.

ووزع وقته بين التجارة والعلم.. وأفادته التجارة في الفقه، ووضع أصول التعامل التجاري على أساس وطيد من الدين..

كان أبو بكر الصديق رضي الله عنه هو مثله الأعلى في التجارة: حسن التعامل، والتقوى، والربح المعقول الذي يدفع شبهة الربا..

جاءته امرأة تبيع له ثوبا من الحرير وطلبت ثمنا له مائة.. وعندما فحص الثوب قال لها «هو خير من ذلك». فزادت مائة.. ثم زادت حتى طلبت أربعمائة، فقال لها: «هو خير من ذلك». فقالت: أتهزأ بي؟، فقال لها: «هاتي رجلا يقومه» فجاءت برجل فقومه بخمسمائة..

وأرادت امرأة أخرى أن تشتري منه ثوبا فقال: «خذيه بأربعة دراهم» فقالت له: «لا تسخر مني وأنا عجوز» فقال لها: «إني اشتريت ثوبين فبعته أحدهما برأس المال إلا أربعة دراهم، فبقي هذا الثوب على أربعة دراهم».

وذهب الى حلقة العلم يوما، وترك شريكه في المتجر، وأعلمه أن ثوبا معينا من الحرير به عيب خفي، وأن عليه أن يوضح العيب لمن يشتريه.

أما الشريك فباع الثوب دون أن يوضح العيب!..

وظل ابو حنيفة يبحث عن المشتري ليدله على العيب، ويرد إليه بعض الثمن، ولكنه لم يجده، فتصدق بثمن الثوب كله، وانفصل عن شريكه..

بهذا الحرج كان يتعامل في تجارته مع الناس، وفي فهمه للنصوص، وفي استنباطه للقواعد والأحكام..

وعلى الرغم من أنه كان يكسب أرباحا طائلة، فقد كان لا يكنز المال.. فهو ينفق أمواله على الفقراء من أصدقائه وتلاميذه.

يحتفظ بما يكفيه لنفقة عام ويوزع الباقي على الفقراء والمعسرين.. فإذا عرف أن أحدا في ضيق، أسرع إليه، وألقى إليه بصرة على بابه، ونبهه الى أنه وضع على بابه شيئا، ويسرع قبل أن يفتح صاحب الحاجة الصرة..

وكان على ورعه وتقواه واسع الأفق مع المخطئين.. كان له جار يسكر في الليل ويرفع عقيرته بالغناء:

ليوم كريهة وسداد ثغر أضاعوني وأي فتى أضاعوا


وكان صوت الجار يفسد الليل على أبي حنيفة.. حتى إذا كانت ليلة سكت فيها صوت الجار السكير، فلما أصبح الصباح سأله عنه فعلم أنه في السجن متهما بالسكر. وركب أبو حنيفة الى الوالي فأطلق سراح السكير.

وعندما عادا معا سأله أبو حنيفة «يا فتى هل أضعناك؟» فقال له «بل حفظتني رعاك الله».

وما زال به أبو حنيفة حتى أقلع عن الخمر. وأصبح من رواد حلقات العلم ثم تفقه وصار من فقهاء الكوفة.

*** *********

وكان أبو حنيفة يدعو أصحابه الى الاهتمام بمظهرهم.. وكان إذا أقام للصلاة لبس أفخر ثيابه وتعطر، لأنه سيقف بين يدي الله.

ورأى مرة أحد جلسائه في ثياب رثة، فدس في يده ألف درهم وهمس: أصلح بها حالك. فقال الرجل: لست أحتاج إليها وأنا موسر وإنما هو الزهد في الدنيا. فقال أبو حنيفة: أما بلغك الحديث: إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده؟

وكان شديد التواضع، كثير الصمت، يقتصد في الكلام، ولا يقول إلا إذا سئل، وإذا اغلظ إليه أحد أثناء الجدال صبر عليه. وإذا دخلت إليه امرأة تستفتيه قام من الحلقة وأسدل دونها سترا، ليحفظها من عيون الرجال، وأجابها عما تسأل.. نبع هذا التقدير الكبير للمرأة من حبه العميق لأمه، وحرصه الدائب على أن يرضيها، ثم من فهمه الواعي للإسلام، واتباعه اليقظ للسنة، واجتهاداته الذكية.. وقد قاده اجتهاده الى الإفتاء بأن الإسلام يبيح للمرأة حق تولي كل الوظائف العامة بلا استثناء.. حتى القضاء!

ولقد كان في حرصه على إرضاء أمه. يحملها على دابة، ويسير بها الأميال، لتصلي خلف أحد الفقهاء يرى هو نفسه أن أبا حنيفة أفضل منه، لأن الأم كانت تعتقد بفضل ذلك الفقيه!

وكانت الأم لا ترضى بفتوى ابنها أحيانا، فتأمره أن يحملها الى أحد الوعاظ، فيقودها اليه عن طيب خاطر.. ولقد قال لها الواعظ يوما:. «كيف أفتيك ومعك فقيه الكوفة؟»

ومع ذلك فقد ظل أبو حنيفة حريصة على إرضائها، لا يرد لها طلبا، حتى إذا عذب في سبيل رأيه، طلبت منه أمه أن يتفرغ للتجارة وينصرف عن الفقه وقالت له: «ما خير علم يصيبك بهذا الضياع؟». فقال لها: «إنهم يريدونني على الدنيا وأنا أريد الآخرة وإنني أختار عذابهم على عذاب الله».

ولكم تحمل أبو حنيفة من عذاب!!!

كان مخالفوه في الرأي يغرون به السفهاء والمتعصبين ويدفعونهم الى اتهامه بالكفر، الى التهجم عليه، فيقابلهم بالابتسام.

ولقد ظل أحد هؤلاء السفهاء يشتمه، فلم يتوقف الإمام ليرد عليه، وعندما فرغ من درسه وقام، ظل السفيه يطارده بالسباب، والإمام لا يلتفت إليه، حتى إذا بلغ داره توقف عند باب الدار قائلا للسفيه: «هذه داري فأتم كلامك حتى لا يبقى عندك شيء أو يفوتك سباب فأنا أريد أن أدخل داري»...!

************

كان خصوم أبي حنيفة صنفين: بعض الفقهاء ممن وجدوا انصراف الناس عن حلقاتهم الى حلقة أبي حنيفة، وحكام ذلك الزمان.

أما أعداء أبي حنيفة من الفقهاء فقد كان على رأسهم ابن أبي ليلى وتابعه شبرمة.

وكان أبو حنيفة يحتفظ باستقلاله أمام الحكام فيحترمه الحكام... وهو يلبس أغلى الفراء في الشتاء، ويتحلى طوال العام بثياب فاخرة، ويتعطر، ويتنعم بالطيبات من الرزق، وبزينة الحياة التي أحلها الله لعباده...

وكان يقاوم كما قاوم أستاذه وصديقه الإمام جعفر الصادق من قبل بدعة تزيين التقشف والانصراف عن هموم الحياة، وترك الأمر كله لطبقة بعينها تملك وتستغل وتحكم وتستبد!

على أن ميل أبي حنيفة الى الأئمة من آل البيت أوغر عليه صدور الأمويين والعباسيين على السواء.

ففي العصر الأموي قالوا «أن تكون كافرا أو مشركا خير من أن تكون علويا»..

وفي العصر العباسي توالت المحن على العلويين، وأبو حنيفة يفتي بأن العلويين أصحاب حق..

على أنه مال إلى العباسيين أول الامر، وتوسم فيهم الخير، ولكنه إذ وجد الفقهاء الذين نافقوا الأمويين وزينوا لهم العدوان، هم الذين يشيرون على الخلفاء العباسيين، أصابته خيبة الأمل فيهم.. ثم إن العباسيين بطشوا بأبناء عمومتهم العلويين، فساء رأي أبي حنيفة في العباسيين.

وأبو حنيفة على الرغم من سماحته لا يسكت عن خطأ الفقهاء من الذين جعلوا كل همهم نفاق الحكام وإرضاءهم.. كان بعضهم يفتي في المسجد الى جوار حلقة أبي حنيفة، فإذا أخطأ انبرى له أبو حنيفة يكشف ذلك الخطأ، ويعلن الصواب على الناس.

وكان ينتقد أخطاء ابن أبي ليلى نقدا أوغر عليه صدر الرجل.. حتى نقد حكما فاحش الخطأ فانفجر غضب ابن ابي ليلى.. «وذلك أن أمرأة مجنونة قالت لرجل: «يا ابن الزانيين» فأقام عليها ابن أبي ليلى الحد في المسجد، وجلدها قائمة، وأقام عليها حدين حدا لقذف الأب وحدا لقذف الأم.

وبلغ ذلك أبا حنيفة فقال: «أخطأ ابن أبي ليلى في عدة مواضع: أقام الحد في المسجد ولا تقام الحدود في المساجد. وضربها قائمة والنساء يضربن قعودا. ولضرب لأبيه حدا ولأمه حدا ولو أن رجلا قذف جامعة ما كان عليه غير واحد، فلا يجمع بين حدين. والمجنونة ليس عليها حد. وحد لأبويه وهما غائبان ولم يحضرا فيدعيا».

وذهب ابن أبي ليلى الى الخليفة يشكو أبا حنيفة، واتهمه بأنه لا يفتأ يهينه، ويظهره للناس بمظهر الجاهل، وفي ذلك إهانة للخليفة نفسه لأن ابن أبى ليلى إنما ينوب عن الخليفة في القضاء ويحكم بين الناس..!

وأصدر الخليفة أمرا بمنع أبي حنيفة من التعليق على أحكام القضاة، وبمنعه من الفتوى.. حتى إذا احتاج الخليفة الى رأي في أمر معقد لا يطمئن فيه الى فتاوى الفقهاء من متملقيه، أرسل يستفتي أبا حنيفة، فامتنع عن الفتوى إلا أن يأذن الخليفة له في أن يفتي للناس جميعا. فأذن له.

وعاد يفتي، وعاد ينتقد الأحكام!.

وأراد الخليفة المنصور أن يكتب عقدا محكما فلم يسعفه الفقهاء الذين يصانعونه، فلجأ الى أبي حنيفة فأملى العقد من فوره فأزرى الفقهاء من بطانة الخليفة بما صنعه حسدا من عند أنفسهم. ولكن الخليفة زجرهم، وصرح بأن أبا حنيفة هو أفقه الجميع، وإن كان ليكره مواقفه وآراءه.

وعندما وقع خلاف بين الخليفة المنصور وزوجته لأنه أراد أن يتزوج عليها، أراد أن يحتكما الى فقيه، فرفضت الزوجة الاحتكام الى قاضي القضاة ابن أبي ليلى أو الى تابعه شبرمة أو إلى أحد الفقهاء من بطانة المنصور!

وطلبت أبا حنيفة.

وعندما حضر أبو حنيفة أبدى الخليفة رأيه أن من حقه الزواج لأن الله أحل للمسلم، الزواج بأربع، والتمتع بمن يشاء من الإماء مما ملكت يمينه.

فرد أبو حنيفة: «إنما أحل الله هذا لأهل العدل. فقمن لم يعدل فواحدة. قال الله تعالى: (فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة). فينبغي أن نتأدب بأدب الله ونتعظ بمواعظه».

وضاق الخليفة بفتواه. ولكنه أخذ بها.

وخرج أبو حنيفة الى داره. فأرسلت له زوجة الخليفة خادما ومعه مال كثير وأحمال من الثياب الفاخرة النادرة، وجارية حسناء، وحمار مصري فاره هدايا لأبي حنيفة.

فقال أبو حنيفة للخادم: «اقرئها سلامي. وقل لها إني ناضلت عن ديني وقمت بذلك المقام لوجه اله. لم أرد بذلك تقربا الى أحد ولا التمست به دنيا. ورد الجارية الحسناء والثياب والمال والحمار المصري جميعا.

كان أبو حنيفة لا يقف عند النصوص، وإنما يبحث في دلالاتها، ويحاول أن يواجه بالأحكام ما يقع من أحداث، وما يتوقع حدوثه من الأقضية والحالات.

الواقع والمتوقع هما ما كان يعني باستنباط الأحكام لمواجهتهما إن لم يجد نصا في الكتاب أو السنة أو الإجماع.

وكان يناظر الفقهاء ببديهة حاضرة يقلب الرأي على وجوهه، ويفترض، ويستقرئ ويستنبط، ويحسن الخلوص الى الغاية والخلاص من المأزق، ويلزم المناظر الحجة.

وهو مع ذلك يقول: «ربما كان ما قلته خطأ كله، لا الصواب كله».

ولقد اقتحم عليه الحلقة في يوم عدد من الخوارج على رأسهم قائدهم وفقيههم، وكان الخوارج يقتلون مخالفيهم. وكانوا يقتلون من أقر عليا بن أبي طالب على التحكيم. وخيره شيخ الخوارج بين التوبة أو القتل، فسأله أبو حنيفة أن يناظره، فرضي، فقال له: فإن اختلفنا؟ قال الخارجي: نحكم بيننا رجلا.. فضحك أبو حنيفة قائلا: أنت بهذا تجيز التحكيم.

فانصرف عنه الخوارج وتركوه سالما.

************

وكم من مرة خرج من المأزق بسرعة بديهته وسعة حيلته وقوة حجته..!

ولكنه لم يستطع أن يفلت من مصائد أعدائه من المرتزقة في بلاط الأمراء...
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
يامي
نائب المدير
نائب المدير
يامي


المساهمات : 81
تاريخ التسجيل : 19/12/2007
العمر : 30

الأمام الأعظم ابو حنيفة النعمان Empty
مُساهمةموضوع: رد: الأمام الأعظم ابو حنيفة النعمان   الأمام الأعظم ابو حنيفة النعمان I_icon_minitimeالجمعة ديسمبر 21, 2007 1:17 am

كانت صلابته، واحترام الحكام له، وإيثارهم إياه على الفقهاء المرتزقة من بطانتهم، تثير هؤلاء الفقهاء وتحرك حسدهم.. فأوغروا صدور الحكام حتى أوقعوا به. وحاولوا أن يقتنصوه بفضائله.
إنه لشجاع في الحق.. وإذن فلينصبوا له شركا من جسارته وتقواه..!
إن مواقفه في تأييد آل البيت لتؤجج غضب الحكام عليه.
ثم كانت آراؤه تزيد سخطهم عليه اشتعالا: فقد نادى بالرأي إن لم يكن هناك نص في الكتاب أو السنة، واتجه استنباط الأحكام إلى إلحاق الامور غير المنصوص على أحكامها بما نص على حكمه في حدود ما يحقق مصلحة الأمة ويتسق مع عرف البلد وعاداته، إن لم تخالف هذه العادات والأعراف روح الشريعة أو نصوصها.
أما عن مواقفه في تأييد آل البيت فقد أعلن أن العلويين أولى بالحكم من العباسيين، وجاهر بالانحياز الى العلويين. ولم يكتم هذا الميل قط، وظل يذيعه بلا تهيب.!

وحين ولي العباسيون أيدهم أول الأمر ولكنهم بطشوا بمعارضيهم، وصادروا حرية الرأي، ونكلوا بالعلويين، ونكلوا عن العدل الذي بايعهم عليه، فأعلن عدم رضاه عنهم في حلقات الدروس..
وكان المنصور قد جمع رؤوس العلويين وسجنهم. وصادر أموالهم وأراضيهم، ثار العلويون بقيادة محمد النفس الزكية وأخيه إبراهيم بن عبد الله، فبعث المنصور جيشا ضخما ليحصد العلويين.
أعلن أبو حنيفة تأييده للثورة، وبكى مصائر العلويين بعد أن نجح المنصور في إخماد الثورة والقضاء على قائديها وفتك بأهل المدينة المنورة الذين أيدوا الثورة..
وكان عبد الله بن الحسين شيخ أبي حنيفة والد محمد النفس الزكية وإبراهيم في سجن المنصور يعذب حتى الموت.
وحين مات أعلن أبو حنيفة في حلقته أن واحدا من أفضل أهل الزمان قد استشهد في سجنه. وبكاه وأبكى عليه.
وأما آراؤه التي أشعلت سخط الحاكم وحاشيته عليه فهي تلك التي استنبطها بالقياس حتى لقد اتهمه بعض الفقهاء من خصومه بأنه يفضل القياس على الحديث.
وما كان هذا صحيحا فقد رأى أبو حنيفة ظاهرة خطيرة، فأراد أن ينجو بدينه منها، وينجي معه الناس: ذلك أنه خلال الصراعين السياسي والاجتماعي، انتشر وضع الحديث خدمة لهذا الجانب أو ذاك، وتأييدا لهذه المصلحة أو تلك، فوقف أبو حنيفة من الحديث موقف أستاذه وصديقه الإمام جعفر الصادق.. وتحرى الرواة وصدقهم، وتحرى معاني الأحاديث، ورفض منها ما يشك في صدق رواتها وتقواهم، أو ما يخالف نصا قرآنيا، أو سنة مشهورة، أ» مقصدا واضحا من مقاصد الشريعة. وقد فحص الأحاديث الموجودة في عصره وكانت عشرات الآلاف فلم يصح في نظره منها إلا نحو سبعة عشر.
وذهب إلى أن القياس الصحيح يحقق مقاصد الشارع، ويجعل الأحكام أصوب وهو خير من الاعتماد على أحاديث غير صحيحة.. وللقياس ضوابط هي تحقيق المصلحة وهذا هو هدف الشريعة.

وقد جد في عصر أبي حنيفة كثير من الحوادث والأقضية والأحوال، بعد اتساع الدولة وتشابك الأمور، وظهور ألوان كثيرة خصبة من النشاط التجاري والاجتماعي، وواجه الإمام هذا كله بالاجتهاد لاستنباط الأحكام التي تضبط العلاقات.
وما كان يبتدع في قياسه كما رماه خصومه، وما كان يهدر السنة كما حاول ابن أبي ليلى وتابعه شبرمة أن يصوراه كيدا له، بل كان منهجه هو قياس «المسألة على أخرى ليردها الى أصل من أصول الكتاب والسنة واتفاق الأئمة.. فيجتهد». وقد لخص هو منهجه في استنباط الأحكام في وصية لأحد تلاميذه ممن تولوا القضاء.. قال: «إذا أشكل عليك شيء فارحل إلى الكتاب والسنة والإجماع، فإن وجدت ذلك ظاهرا فاعمل به، وإن لم تجده ظاهرا فرده الى النظائر واستشهد عليه بالأصول، ثم اعمل بما كان الى الأصول أقرب بها أشبه».
*************
وقاده هذا الإجتهاد إلى عديد من الآراء الحرة: الدعوة الى المساواة بين الرجل والمرأة، في عصر بدأت المرأة فيه تتحول الى حريم للمتاع!

أفتى بعدم جواز الحجر على أحد، لأن في الحجر إهدار للآدمية وسحقا للإرادة..
وأفتى بعدم جواز الحجر على أموال المدين، حتى لو استغرقت الديون كل ثروته. لأن في هذا مصادرة لحريته..
وفي كل أمر من أمور الحياة تتعرض فيه حرية الإنسان لأي قيد، أفتى الإمام أبو حنيفة باحترام الحرية وكفالتها، لأن في ضياع حرية الإنسان أذى لا يعدله أذى..
لقد أفتى بكل ما ييسر الدين والحياة على الإنسان فذهب الى أن الشك لا يلغي اليقين، وضرب لذلك مثلا بأن من توضأ ثم شك في أن حدثا نقض وضوءه، ظل على وضوئه، فشكه لا يضيع يقينه.
وأفتى بأنه لا يحق لأحد أن يمنع المالك من التصرف في ملكه.
ولا يحق لأحد أن يحكم على مسلم بالكفر ما ظل على إيمانه بالله ورسوله حتى لو ارتكب المعاصي. ومن كفر مسلما فهو آثم.
وأفتى بأن قراءة الإمام في الصلاة تغني عن قراءة المصلين خلفه، فتصح صلاتهم دون قراءتهم إكتفاء بقراءة الإمام وحده.
ولقد أثار هذا الرأي بعض الناس، فذهبوا الى الإمام ليحاوروه في رأيه فقال لهم «لا يمكنني مناظرة الجميع فولوا أعلمكم» فاختاروا واحدا منهم ليتكلم عنهم. وسألهم أبو حنيفة إن كانوا يوافقون على أنه إذ قد ناظر من اختاروه ليكون قد ناظرهم جميعا، فوافقوا، فقال لهم أبو حنيفة: «وهكذا نحن اخترنا الإمام فقراءته قراءتنا وهو يناب وعنا» فانصرفوا مقتنعين.
ودعا الى ضرورة العفو عن المخطئ إن لم تثبت عليه أدلة الإدانة ثوبتا قطعيا لا يشوبه الشك أو الظن، أعتمادا على أن الرسول (صلى الله عليه وسلم) أمر بدرء الحدود قدر المستطاع.. فالحدود تدرأ بالشبهات «فإن كان للمذنب مخرج أخلى سبيله. وأن يخطئ الإمام في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة».
وهو يطالب الناس بأن يسألوا في العلم بلا حرج، على أن يحسنوا السؤال. وكان يقول: «حسن السؤال نصف العلم»
وهو في اجتهاده يعرف مكانته، إن كان واثقا بنفسه، معتزا بكبريائه العلمي على الرغم من تواضعه الشديد.
ولقد سئل: «إذا قلت قولا وظهر خبر لرسول الله يخالف قولك؟ قال: إترك قولي بخبر رسول الله، وكل ما صح عن رسول الله فهو على العين والرأس. فقال السائل: فإذا كان قول الصحابي يخالف قولك؟. قال: أترك قولي بقول الصحابي. فقال السائل: فإذا كان قول التابعي يخالف قولك؟. قال أبو حنيفة: إذا كان التابعي رجلا فأنا رجل».
ويروى عنه أنه ذهب الى المدينة المنورة فجادل الإمام مالك بن أنس يوما في أمور اختلفا عليها وحضر المناظرة الإمام الليث بن سعد إمام مصر وهو الإمام الذي عاش في عصر الإمام جعفر الصادق وأبي حنيفة والإمام مالك وقال عنه أحد الفقهاء المتأخرين إنه حقا أفقه الناس ولكن المصريين أضاعوه فلم يحفظوا فقهه; واستمرت المناظرة طويلا حتى عرق الإمام مالك. وعندما خرج أبو حنيفة قال مالك لصديقه الليث: إنه لفقيه يا مصري!
قام فقه الإمام أبي حنيفة على احترام حرية الإرادة، ذلك أن أفدح ضرر يصيب الإنسان هو تقييد حريته أو مصادرتها.. وكل أحكامه وآرائه قائمة على أن هذه الحرية يجب صيانتها شرعا، وأن سوء استخدام الحرية أخف ضررا من تقييدها!.
فإساءة الفتاة البالغة في اختيار زوجها أخف ضررا من قهرها على زواج بمن لا تريده. وسوء استخدام السفيه لماله، يمكن علاجه بإبطال التصرفات الضارة به، أما الحجر على حريته فهو إهدار لإنسانيته، وهو ضرر لا يصلحه شيء!! وعلى أية حال فأذى الحجر أخطر من أذى ضياع المال ـ فالحجر إيذاء للنفس، وإهدار للإرادة، واعتداء على إنسانية الإنسان!!
وهكذا مضى أبو حنيفة يوضح للناس ما في تعاليم الإسلام من احترام للحرية والإرادة، معتمدا على الكتاب، والسنة الصحيحة، والرأي الذي يستنبطه بالقياس، مراعيا تحقيق المصلحة، أو الأعراف التي لا تتعارض مع قواعد الإسلام ومبادئه.
وقد أغنت آراؤه في الفقه وجدان الناس وأيقظت ضمائرهم، وحركتهم للدفاع عن حرياتهم في التصرفات، متمسكين في ممارستهم للحرية بمبادئ الدين وأصوله..
***********
ورفض أبو حنيفة أن يقبل المناصب.. عرض عليه الأمويون منصب القاضي، فرفضه فسجنوه وعذبوه في السجن.. وظلوا يضربونه كل يوم بالسياط حتى ورم رأسه.. ومع ذلك فلم يقبل المنصب.. لأنه كان يرى أن تحمل المسؤولية في عهد يعتبر هو حاكميه ظالمين مغتصبين، إنما هو مشاركة في الظلم وإقرار للإغتصاب..
وفي السجن تذكر أمه الحزينة فبكى.. وسأله جاره في السجن عما يبكيه وهو الفقيه الجليل الصلب، فقال من خلال دموعه: «والله ما أوجعتني السياط. بل تذكرت أمي فآلمتني دموعها».
وساءت صحته في السجن. وبدأت الثورة تتجمع ضد الخليفة الأموي احتجاجا على ما يحدث لأبي حنيفة فأطلق سراحه.
ولم يعد له مقام في الكوفة التي شهدت عذابه.. فترك مسقط رأسه، ومرح شبابه، بكل ما فيها من ذكريات عزيزة وآمال عذبة، وأقام بالحجاز حتى سقطت الدولة الأموية، فعاد الى موطنه!
ولكن العباسيين لم يتركوه.. فمنذ شعر بخيبة الأمل فيهم لبغيهم واضطهادهم للعلويين، واصطناعهم المرتزقة من الفقهاء، بدأ يجهر برأيه في استبدادهم وطغيانهم.
ورفض كل هداياهم، كما رفض هدايا الأمويين من قبل.
وعرضوا عليه منصب قاضي القضاة فأبى.. وتمسك بالتفرغ للعلم.
قالوا له أنه قد حصل من العلم ما يجعله في غنى عنه فرد: «من ظن أنه يستغني عن العلم فليبك على نفسه».
بعد أن فرغ المنصور من بناء بغداد، وأقام فيها معتزا بها، حرص على أن يجعل أكبر فقهاء العراق قاضي القضاة فيها. وكان أبو حنيفة قد أصبح أكبر الفقهاء بالعراق حتى سماه أتباعه ومريدوه: الإمام الأعظم. ولكن الإمام صمم على الرفض.
كان يعرف ما ينتظره.. فابن أبي ليلى لا يكف عن الكيد له، وهو لا يغفر لأبي حنيفة ما يوجهه من نقد لاذع لأحكامه.
وقد ضم ابن أبي ليلى إليه حاجب الخليفة ووزيره الأول، وكان أبو حنيفة قد أحرجه وكشف أكاذيبه أمام الخليفة في محاورة حاول فيها الوزير الأول أن يوقع بالإمام ففضحه الإمام وأفسد حيلته.
وقد أفتى أبو حنيفة بأن الوزير لا تصح شهادته لأنه يقول للخليفة أنا عبدك «فإن صدق فهو عبد ولا شهادة له. وإن كذب فلا شهادة لكاذب»!!
وقد أخذ أحد تلاميذ أبي حنيفة بهذا النظر فيما بعد حين ولي القضاء فرد شهادة الوزير الأول لخليفة آخر، لأنه قبل الأرض بين يدي الخليفة قائلا له: أنا عبدك!
************
إتسعت الفتوحات حتى أصبح البحر الأبيض المتوسط بحيرة إسلامية، وحتى ارتفعت الراية الإسلامية فوق شرق أوربا وجنوبها والأندلس، وكل بلاد العالم التي عرفها إنسان ذلك العصر..
وعلى الرغم من ازدهار الحضارة، فقد شغل رجال الحاشية بالكيد لابي حنيفة يظاهرهم بعض الفقهاء أصحاب المناصب وأهل الحظوة عند الخليفة.
وأخذ الوزير الأول يكيد عند الخليفة لأبي حنيفة. وانتهز فرصة خروج أهل الموصل على الخليفة، وكانوا قد شرطوا على أنفسهم إن هم خرجوا على الخليفة أن تباح دماؤهم وأموالهم. وأرسل الخليفة الى ابن شبرمة وابن أبي ليلى ليسألهما رأي الدين في أهل الموصل، وكان قد أعد جيشا للفتك بهم. واقترح الوزير الأول على الوزير أن يدعو أبا حنيفة وكان يعرف أن تقواه وشجاعته وكل فضائله ستقوده الى مخالفة رأي الخليفة. وحضر الفقهاء الثلاثة فسألهم عن حكم الشرع في أهل الموصل. وسكت أبو حنيفة وأفتى الآخران بأن أهل الموصل يستحقون الفتك بهم!...
وأفتى أبو حنيفة بأن الخليفة لا يحق له الفتك بأهل الموصل، لأنهم بإباحتهم أرواحهم وأموالهم إنما أباحوا ما لا يملكون.
وسأل: «لو أن امرأة أباحت نفسها بغير عقد زواج أتحل لمن وهبته نفسها؟ فقال له الخليفة «لا».
فطلب الإمام أبو حنيفة منه أن يكف عن أهل الموصل فدمهم حرام عليه، وأن يوجه الجيش الى حماية الثغور، أو إلى فتح جديد لنشر الإسلام، بدلا من أن يضرب به المسلمين.
وضاق به الخليفة وأمره أن ينصرف.. ومن حول الخليفة أعداء الإمام يستفزونه للبطش به وفي مقدمتهم ابن أبي ليلى قاضي القضاة وتابعه شبرمة.
ومضى أبو حنيفة إلى داره وهو يقول لصحبه: «إن ابن أبي ليلى ليستحل مني ما لا استحله من حيوان!».
وفي الحق أن ابن أبي ليلى وشبرمة والعصبة المعادية لأبي حنيفة في قصر الخليفة زينت للخليفة أن يقهر أبا حنيفة على قبول ما يعرضه عليه من مناصب، فإذا أبى فقد امتنع عن أداء واجب شرعي فحق عليه العقاب، ووجب أن يشهر به في الأمة، لأنه يتخلى عن خدمتها.!
واقترحوا على الخليفة أن يبدأ فيمتحن ولاءه، فيرسل إليه هدية.
وكانوا يعرفون سلفا أن الإمام أبا حنيفة لن يقبل الهدية..!
وأرسل له الخليفة مالا كثيرا وجارية.. فرد الهدية شاكرا.
ثم أرسل الخليفة إليه يلح عليه في ولاية القضاء أو في أن يكون مفتيا للدولة يرجع إليه القضاة فيمن يصعب عليهم القضاء فيه..بما أنه يكثر من لوم القضاة على أحكامهم، ويكشف للعامة جهل شيخهم ابن أبي ليلى وتابعه شبرمة!
ورفض أبو حنيفة.. فاستدعاه الخليفة يسأله عن سبب رفضه فقال له: «والله ما أنا بمأمون الرضا فكيف أكون مأمون الغضب؟ ولو اتجه الحكم عليك ثم هددتني أن تغرقني في الفرات أو الحكم لك لاخترت أن أغرق. ثم إن تلك حاشية يحتاجون الى من يكرمهم لك، فلا أصلح لذلك.»
وكانت الحاشية كلها تحيط بالخليفة، وعلى رأسها وزيره الأول والفقيهان ابن أبي ليلى وشبرمة، فأبدوا التذمر وبان عليهم استنكار ما يقوله الإمام أبو حنيفة، فقال الخليفة محنقا: «كذبت».
فقال أبو حنيفة في هدوء: قد حكمت على نفسك.. كيف يحل لك أن تولي قاضيا على أمانتك وهو كاذب؟!
وبعد قليل سأله الخليفة عن سبب رفض هداياه.. فقال له أبو حنيفة أنها من بيت مال المسلمين ولا حق في بيت المال إلا للمقاتلين أو الفقراء أو العاملين في الدولة بأجر وهو ليس واحدا من هؤلاء!
فأمر الخليفة بحبسه. وبضربه بالسياط حتى يقبل منصب قاضي قضاة بغداد.
وهاهو شيخ في السبعين أثقلته المعارك والدسائس والهموم، ومكابدة الفقه والعلم والتحرج.. هاهو ذا يضرب، ويظل يضرب بالسياط في قبو سجن مظلم، ورسل الخليفة يعرضون عليه هدايا الخليفة، ومنصب القضاء والإفتاء.. وهو يرفض.. فيعاد الى السجن ليعذب من جديد.. ويكررون العرض، وهو يكرر الرفض داعيا الله «اللهم أبعد عني شرهم بقدرتك».
وظل في سجنه يعرضون عليه الجاه والمنصب والمال فيأبى.. ويعذب من جديد!
وتدهورت صحته، وأشرف على الهلاك.
وخشي معذبوه أن يخرج فيروي للناس ما قاسى في السجن، فيثور الناس!.
وقرروا أن يتخلصوا منه فدسوا له السم،
وأخرجوه وهو يعاني سكرات الموت، وما عاد يستطيع أن يروي لأحد شيئا بعد!!
وحين شعر بأنها النهاية أوصى بأن يدفن في أرض طيبة لم يغتصبها الخليفة أو أحد رجاله. وهكذا مات فارس الرأي الذي عرف في السنوات الأخيرة من حياته باسم الإمام الأعظم.
وشيعه خمسون ألفا من أهل العراق واضطر الخليفة أن يصلي على الإمام الذي استقر الى الأبد في ركن هادئ من الدنيا لم يشبه غضب، والخليفة يهمهم: «من يعذرني من أبي حنيفة حيا وميتا؟».
وهكذا مضى بطل الفكر الشجاع شهيدا لحرية الرأي في محنة من العذاب لم يعرفها أحد من الفقهاء من بعده حتى كانت محنة الإمام أحمد بن حنبل إمام أهل السنة.. في عصر زري كذلك العصر.. عصر تحكمه الدسائس والسموم وسياط الجلادين، على الرغم من روعة الفتحات العسكرية، وانتصارات العقل الإنساني، ويبطش فيه المزيفون برهان الحرية وفرسان الفكر..
وتظل المنارات الشامخة فيه مضيئة على الرغم من كل شيء، تقدم للإنسانية جيلا بعد جيل عطاء خالدا من شعاع المعرفة، والقوة، وجسارة الكلمة الصادقة الأبية الفاضلة..!

§¤°~®~°¤§قالوا عنه §¤°~®~°¤§
"كان أبو حنيفة عظيم الأمانة، وكان يؤثر رضا الله تعالى على كل شيء، ولو أخذته السيوف في الله تعالى لاحتملها" وكيع بن الجراح شيخ الشافعي
"ما طلب أحد الفقه إلا كان عيالا على أبي حنيفة، وما قامت النساء على رجل أعقل من أبي حنيفة" الإمام الشافعي
"إن أبا حنيفة من العلم والورع والزهد وإيثار الآخرة بمحل لا يدركه أحد، ولقد ضرب بالسياط ليلي للمنصور فلم يفعل، فرحمة الله عليه ورضوانه" الإمام أحمد بن حنبل
"كانوا يقولون: أبو حنيفة زينه الله بالفقه والعلم، والسخاء والبذل، وأخلاق القرآن التي كانت فيه" الإمام أبو يوسف
"ما مقلت عيني مثل أبي حنيفة" الإمام سفيان الثوري
"إن أبا حنيفة –والله- لأعلم هذه الأمة بما جاء عن الله ورسوله" يحيى بن سعيد القطان (إمام الجرح والتعديل.
§¤~¤§¤~¤§ومن وصايا الامام§¤~¤§¤~¤§
1- كن بعيدا عن كل شبهه
2- وقر السلطان وكن من الحاكم كما انت مع النار تنتفع منها اذا تباعدت عنها
3- لا تتزوج الا بعدان تعلم انك تقدر علي القيام بجميع حوائج المراءه واطلب العلم اولا ثم اجمع المال من حلال ثم تزوج
4- اياك والبخل ولا تكن طماعا ولا كذابا
5- لا تكلف الناس ما لا يطيقون وكن حسن النيه صادقا واطرح الكبر جانبا
6- اياك والغدر وان غدروا بك واد الامانه وان خانوك
7- تمسك بالوفاء واعتصم بالتقوي وعاشر اهل الاديان واحسن معاشرتهم
8- لا تحقرن احدا ولا تخرجن سرك الي احد ولا تثق في صحبة احد حتي تمتحنه
9- احسن الي من يحسن اليك اويسىء اليك واترك مالا يعنيك وبادر في اقامة الحقوق
منقول للفائدة
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
Super Titanik
المدير العام و مؤسس المنتدى
المدير العام و مؤسس المنتدى
Super Titanik


المساهمات : 32
تاريخ التسجيل : 15/11/2007

الأمام الأعظم ابو حنيفة النعمان Empty
مُساهمةموضوع: رد: الأمام الأعظم ابو حنيفة النعمان   الأمام الأعظم ابو حنيفة النعمان I_icon_minitimeالجمعة ديسمبر 21, 2007 3:44 am

شكرا لمشاركاتك الفعالة
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://super4me.ahlamontada.com
يامي
نائب المدير
نائب المدير
يامي


المساهمات : 81
تاريخ التسجيل : 19/12/2007
العمر : 30

الأمام الأعظم ابو حنيفة النعمان Empty
مُساهمةموضوع: رد: الأمام الأعظم ابو حنيفة النعمان   الأمام الأعظم ابو حنيفة النعمان I_icon_minitimeالجمعة ديسمبر 21, 2007 7:58 am

اهلا بيك اخي ومشكور للرد
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الأمام الأعظم ابو حنيفة النعمان
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: الاسلامي :: منتدى خاص بالنبي صلله الله عليه وسلم-
انتقل الى: